دعوة للإهتمام الكبير بالقلوب

بسم الله رب القلوب ومطهرها ومحييها وباعث النور فيها

على الناس إن كانوا يريدون التقرب لله الحبيب وحب الله الحبيب ومعرفة الله الحبيب أن يهتموا بقلوبهم إهتماماً كبيراً بعد زمن الإهمال الذي طال كثيراً للقلوب ، وبعد زمن التدين الشكلي ، وبعد زمن القسوة القلبية ، فأهم وأغلى وأخطر وأشرف وأطهر ما عند الإنسان هو قلبه ، لأن القلب هو العقل الحقيقي للإنسان ، وهو العقل الوجداني للإنسان ، وهو الذي يُحدد موقف الإنسان من الله ، وهو العين التي يرى بها الله ، وهو الذي يعرف به الله الحبيب ..
والقلب هو الوحيد الذي يستطيع معرفة أولياء الله عندما يتحركون في الواقع بدون معجزات مادية ، فإذا كان القلب غافلاً أو كان ضعيفاً وقد سيطرت عليه النفس والدنيا ، فإنه لن يعرف أولياء الله ، وسوف يحرم نفسه من بركات النصرة لأولياء الله في مراحلهم الأولى وهي أشرف مراحل النصرة لهم وأعلاها مقاماً ، بل إن ضعف القلب أو غفلته قد تجعل الإنسان يتورط في آثام مع أولياء الله لأنه يجهل بهم ، ولأنه يرى الأمور بحسابات عقله وبعينه المادية التي لا تستطيع إكتشاف الحقيقة ، فيضع نفسه بمواجهة ولي من أولياء الله ، أو يضع نفسه بمواجهة مهدي الله ، وهو أمر الله الأعظم ، وهذا يؤدي الى كارثة كبيرة في مسيرة الإنسان الأخروية ..
إذن على جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها أن يهتموا بقلوبهم إهتماماً كبيراً لأن قلوبهم هي عيونهم التي يرون بها نور وجه الله ، وفيها يكون السجود الحقيقي لله الحبيب ، وبها يُعرف أولياء الله ويُعرف مهدي الله من اللحظات الأولى ..
وأهم سبل الإهتمام بالقلوب كثرة ذكر الله ، بمعنى كثرة الغزل بالله وكثرة المدح لله ، وكثرة إرجاع الأمور لله ، وكثرة إرجاع الفضل لله ، وكثرة دعوة النفس الى طاعة الله ، وكثرة بيان نعم الله ، ومن أهم أسباب الإهتمام بالقلوب شدة حب الله ، بمعنى شدة الإختيار لله ، وشدة التحيز لله ، وشدة التمسك بالله ، وشدة الحرص على رضا الله ، وشدة السعي الى قرب الله ، وشدة التعظيم لله ..
ومن أهم أسباب الإهتمام بالقلوب شدة الولاية لأولياء الله ، وخصوصاً مهدي الله ، وهذا يعني قوة الحب العاطفي لهم وقوة الغيرة عليهم ، وقوة النصرة لهم ، وكثرة التضحية من أجلهم ، وشدة الشعور بأهميتهم ، وشدة الشعور بالإفتقار لهم ، وشدة الإخلاص في الولاء لهم ، وشدة المعرفة بأنهم أكبر نعم الله ، وأكبر كرم الله ، وباب رحمة الله ، وباب حنية الله ، وباب رضا الله ، وباب معرفة الله ، ولا يحصل الإنسان على رضا الله إلا برضاهم ولا يحصل على حب الله إلا بحبهم ..
ومن أهم أسباب الإهتمام بالقلوب كثرة نكران الذات وعدم الإهتمام بالنفس وعدم التحيز للمصالح الدنيوية الشخصية ، وعدم الخوف على النفس ، وعدم طلب الجاه للنفس ، وعدم الثأر لكبرياء النفس ، وعدم الإخلاص للنفس ، وعدم إحترام العقل وتصوراته الوهمية ..
ومن أسباب الإهتمام بالقلوب في هذا الزمن كثرة التفاؤل بالله وشدة حسن الظن بالله، وكثرة الفرح بمهدي الله وكثرة التوكل على عون الله وكثرة اليقين بمدد الله وكثرة التصديق بالظهور الكبير.

إن ثورة الحب الإلهي هي ثورة إحياء القلوب مع الله ، وإنهاء زمن إهمال القلوب ، لأن القلوب هي الأكثر عبادة لله وهي الأشد صدقاً مع الله وهي التي تعرف الله وتعرف مهديه من أول اللحظات