مصر تصنع التاريخ



مقالة نشرتها وكالة أنباء المستقبل العراقية للصحافة والنشر (ومع)

كاظم فنجان الحمامي

صنع الشعب المصري بانتفاضته الوطنية الباسلة أروع المعجزات, وقدم للعالم صورة مشرقة وملهمة للشجاعة والبطولة والتحدي في الخامس والعشرين من يناير, وهو اليوم الذي اندلعت في الانتفاضة, فسجلها التاريخ على انها الانتفاضة التي هب فيها الشعب لينفض عنه غبار الخوف من بطش النظام الجائر, ويطالب برحيل الرجل الذي يحبه الغرب, ويعتبرونه زعيما معتدلا, فشهد العالم أعظم الثورات في التاريخ العربي, إن لم تكن اعظمها في التاريخ كله, واثبتت الوقائع ان الثورة المصرية كانت هي النموذج والمُعلم لشعوب العالم, ولم يسبق ان تحدث التاريخ في ملاحمه القديمة والحديثة عن شعب تولى بوحدته وصموده قيادة القوات المسلحة, وتضامن مع تشكيلاتها العسكرية,

ولم يكتب التاريخ في ملاحمه كلها عن جيش خضع لإرادة الشعب, وكان مطيعا لهم الى الدرجة, التي كان فيها هو الحارس الأمين, والى الدرجة التي صارت فيها سلطة الشعب المصري أقوى من سلطة النظام نفسه, فاستحوذت الثورة على اهتمامات نجوم الفكر والسياسة والرياضة, وعباقرة العلوم والفنون والآداب, ورجالات الدولة وعامة الناس في اقطار كوكب الأرض على اختلاف اعراقهم ولغاتهم وتوجهاتهم ومواقفهم, واعترف العالم كله بعظمة الشعب المصري, وجاء أول الاعترافات على لسان رئيس وزراء النرويج, عندما رفع صوته متفاخرا متباهيا بانتصار الثورة, فقال: (اليوم كلنا ننتمي إلى الحضارة المصرية), وربما كان تصريح رئيس وزراء ايطاليا هو الأروع بين التصريحات التي ادلى بها الملوك والرؤساء في كل مكان, إذ قال برلسكوني: (لا جديد في مصر, فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة), اما اعمق التصريحات وابلغها فقد جاءت على لسان المفكر العالمي الكبير (نعوم تشومسكي), بكلمته التي يقول فيها: (لم أر في حياتي ثورة أكثر إبداعا وجمالا مما فعله المصريون), وكم كان الرئيس الامريكي أوباما جريئا عندما قال: (ينبغي أن نربي أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر),

وتناولت الصحافة العالمية انتصارات الشعب المصري بعناوين بارزة ومعبرة, تحمل في مضمونها انتصارات الثورة, التي فتحت صفحات جديدة في تاريخ الامة العربية, وبرهنت على ان الشعوب المقهورة لم تمت رغم محاولات القمع والتكتيم والترهيب, وقالت الجارديان البريطانية: (30 ثانية كانت كافية لانهاء حكم دام لأكثر من 30 عاما, في اشارة الى الكلمة المختصرة التي قالها عمر سليمان, وأعلن فيها تنحي مبارك عن سدة الحكم), وقالت صحيفة (نيويورك تايمز): (لقد وقف الشعب المصري في وجه أقوى الحكام, وأكثرهم بغضا في التاريخ الحديث لمصر), وقالت صحيفة (ديلي تليغراف) البريطانية: (قوة الشعب تصنع التاريخ في مصر). وبات من المؤكد ان الشعب المصري هو الذي صنع التاريخ, بعد أن ضرب أرقاما قياسية في الصبر والجلد والتحمل, وقدم الكثير من التضحيات والخسائر, لكنه لم يمت ولم يتراجع ولم يتخاذل ولم يستسلم ابدا, فسجل أقوى معاني الشجاعة والصمود والثبات على الحق. وكانت له الريادة في اعادة كتابة التاريخ بحروف من نور, فصاغ انتصاراته بكل لغات العالم. .