امرأة ترتدي العباءة العراقية او العباءة الاسلامية, منظر لا يثير الشك أو الريبة في اي مدينة من مدن العراق، العباءة العراقية او الاسلامية رداء اعتادت نسائنا على ارتدائه منذ حقب طويلة، فهو يستر البدن كله من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين، دون أن يكون متوقعاً أن يتحول هذا الرداء إلى غطاء تختبئ خلفه انتحارية تلبس حزام ناسفاً تسعى لتفجيره لقتل اكبر عدد من المواطنين. الانتحاريات في العراق, ظاهرة طفت الى سطح المشهد العراقي بعد احتلال العراق كالعديد من الظواهر التي لم تكن مألوفة قبل 9 نيسان 2004. بدأت قصة الانتحاريات ، مع إعلان منعول الصفحة (أبو مصعب الزرقاوي) عن تجنيد تنظيمه المشئوم امرأة لتنفيذ عملية انتحارية في قضاء تلعفر في ايلول 2005، تلتها عملية سجودة الريشاوي التي فشلت في تفجير نفسها إلى جانب زوجها بفندق راديسون ساس في عمان. ان تفاقم الازمات التي تعيشها القاعدة في العراق بسبب انخفاض عدد الانتحاريين الذكور والتغطية الإعلامية التي تحظى بها العمليات التي تنفذ من قبل النساء كلها اسباب ادت الى ارتفاع اعداد الانتحاريات ليصل العدد الى اكثر من 25 انتحارية منذ العام 2003. حول الطريقة التي يتم إقناع النساء بها من اجل تنفيذ العمليات الانتحارية، يقول اللواء محمد العسكري, "إن الجماعات المسلحة تعمد أحيانا إلى استغلال بعض النساء ممن تعرضوا إلى فقدان احد أفراد عائلتهم، أو ممن يعانون من العوز المادي، وربما بعض المشاكل النفسية. هؤلاء يكونون أدوات طيعة بأيدي أناس يستثمرونهم من اجل مكاسب سياسية ليس الا، لكنهم يدركون هذه الحقيقة بعد فوات الأوان، بعد أن يلقى القبض عليهم، أو ينفذوا عملية انتحارية."
المرأة في بلادنا كانت على الدوام رمزا للحياة، صورتها الحضارات المتعاقبة مثالا للخصوبة والامومة لا مصدرا لنثر الموت والقتل. المرأة مع القاعدة صارت رمزا للمذلة وتجسيداً متطرفاً لحرمانها ليس فقط من حق الحياة الحرة بل وايضاً من حق الموت الطبيعي. ان ذلك وان عبر عن ازمة هذا التنظيم الظلامي، فانه يعبر ايضا عن ازمة ثقافية واخلاقية تعيشها مجتمعاتنا تتطلب تحركاً من المثقفين وعلماء الاجتماع ورجال الدين المعتدلين، والسياسيين, تحركاً جدياً لا يكتفي فقط بإدانة السلوك بل بوضع الحلول وبرنامج التوعوية التي تتستطيع انتشال المرأة من بؤس اخر اختارته القاعدة لها، بؤس ان تصبح ملكا للظلاميين في حياتها وموتها.