
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي إبراهيم
ظماءُ... العراق
ظماءُ... العراق
ذَوى غصنك الرَيانُ مِنْ سَقَمِ الجَدبِ
وفاضَ أجاج الماءِ في المَنْهلِ العَذبِ
تَمكَنَ مِنكِ اللَّهْثُ، فالوَجهُ فاقِعٌ صفاراً (1)
وغارتْ لَكِ العَينانُ مِنْ شِدَةِ النَصَبِ
ظمأة فأرخى اليَبسُ فيكِ سُدُولَهُ
وأبدلَ ثَوبَ الزَهوِ بالأَصفَرِ الكُثبِي(2)
تَوارتْ جِنانُ الحُسنِ فيكِ وأجدَبتْ
ربوعٌ مِنَ الزَيتونِ والثَمَرِ الرُطْبِ
وجفتْ عيونُ الماءِ فيكِ وأمْحلَتْ ~
بياضاً، عيونُ النَدى مِنْ مَدمَعِ الصَبِ
***
بساتينَ أرضِ الرافدينِ وما شَقَتْ
نَخيلُكِ مِنْ بُؤسٍ ومِن مَحملٍ غَصْبِ
سَرى فيكِ لونُ المَوتِ مَسرى مُعَجِلٍِ
خَوَتْ بَعدَه أعْجازُ نَخلٍ بِلا خَصبِ
بلابِلُها هامَتْ ولَن تَعرِف النَوى
وضاقَ بِها المَسكونُ مِن شِدَةِ السَغْبِ
لَقد أقفَرَتْ مِنْكِ الديارُ حَـزينةً
فلا الشَملُ عَوادٌ ولا الرَدُ بالنَدبِ
جَرى فيكِ مِنْ دَفْقِ الدِماءِ زَكيةٌ
لتَروينَ ما تَشكينَ مِن عَطَشِ التُربِ!
***
شَكوتُ الى نَفْسيْ ومَن لِيَّ دَونَها
عِتاباً مِنَّ المَخْزونِ مِن ألَمِ القَلبِ
وأسْرَرتُ ما عِندي لها دونَ غَيرِها
وما قَد أَسالَتْ مُـقْـلَتَيَّ مِنَ الحُبِ
دُروبُ الهَوى عَطْشى تَهيمُ الى الهَوى
ظماءُ عِراقَ اليومِ أقْسى مِنَ الحَربِ
أخاطِبَـكِ سَمحاءَ في مَوضِعِ النَدى
وأشدو لكِ دَهراً وإنْ كُنتُ في كَربِ
فإن ما ذَوتْ حاليْ وشاقَ رِكابُها
فَحالُكِ أبقى في العَسيرِ وفي الغَلْبِ
***
عراقيةٌ والحُسنُ طالَ قوامَها ~
وأبدَعَ فيها النَحتُ في الزَمنِ الصَعبِ
فيا حُسنَها الفَيّاض ما أجْمَـلَ الربى
وما أطيبَ الأجواءَ بين الدَربِ والدَربِ
خلاسيةٌُ سَمراءُ لنْ يستعيضَها ~
عراقُ الغِنى والجودِ والأَملِ الرَحبِ
ولَن يَرتَجي شَوطاً بها ذو دَمامةٍ
وإن أقْـفَلَ الدُنيا وأمعَنَ في السلبِ
فَكَمْ ظماءٌ قَبلاً سَرى في عروقِها
وفي كَربلاءِ الطَفِ مِن عَطَشِ القَلْبِ
***
18/12/2009
(1) اللهث : العطش
النصب: الجهد والتعب
(2) الكثبي : الكثيب والجمع كثبان الرمل، والمقصود هنا اللون الرملي