شكرا لك اختنا سومه على موضوع العراق بلد الحظارات ولكن
من يسمع احاديثنا -نحن العراقيين- يستغرب، فلا شيء لدينا سوى التغني بالماضي والوقوف على الاطلال، فإذا كان الحديث عن الحضارة قلنا بأننا اقدم حضارة في التاريخ وإن كان الحديث عن العلم قلنا بأننا اقدم ابجدية واول من اخترع اللغة والكتابة وأعرق حضارة وتاريخ وأول وأول .
الى ان لا يتبقى شيء للعالم لم نكن نحن السباقين فيه. أنا هنا اتكلم ليس من باب نكران الماضي والحضارة وكل هذه الأشياء، فمن لا ماضي له لا مستقبل له، لكني اود ان الفت انتباه القارئ الى شيء معين الا وهو أننا عندما نتغنى بالماضي ونذكر مناقبنا وبأننا كنا اول كل شيء فهذا من وجهة نظري يضر بنا لا ينفعنا لأنه يدلل على اننا شعب متخلف، فبدل ان نتقدم ونزدهر ونحافظ على الأولوية في كل شيء أصبحنا نمتاز بالمركز الأخير على جميع الأصعدة. فبعد ان كنا اقدم حضارة وأعرق حضارة نحن الآن لا نتمتع بشيء من التحضر بل على العكس نتجه نحو الهمجية والتخلف بتصرفاتنا اليومية من خلال القتل والتهجير والتكفير ورفض الرأي الآخر وتهميشه وادعاء جميع الأطراف بأنها على حق والمقابل على باطل. وبعد ان كنا الأوائل في مجال التعليم واللغة فنحن الآن نقتل الطالب والمعلم، نقتل الاستاذ الجامعي والعالم، نستبيح كل الحرمات في مجال التعليم، نحرق المدارس، نخيف التلاميذ الصغار، ونمنع الطلاب من اداء امتحاناتهم، نسيّر الجامعات كل حسب اهوائهم وانتماءاتهم. وربما في المستقبل القريب نجد ان كل مدرسة او جامعة تعطي المنهج الدراسي المستقل الذي تراه مناسبا لها دون غيرها، فمن يعش في العراق يرَ عجبا. وبعد ان كنا نتغنى بالتاريخ والأوباد الاثرية فنحن الآن نسرق تاريخنا وآثارنا ونبيعها الى دول العالم لكي يضعوها في متاحفهم ومتاحفنا لا شيء فيها سوى الأتربة والأوساخ وما قل وندر من البقية الباقية من الآثار، وأما ما لم نبعه للغرب والشرق فقد دمرناه بأيدينا او كنا سببا غير مباشر لذلك، فضاع التاريخ وآثاره وذهبت الحضارة وأركانها ولم يتبق من العلم المتأصل لدينا سوى الكم اليسير الذي ما زلنا محافظين عليه ومتمسكين به. فآمل من الله العلي القدير ان يمن علينا بأن نهتم بالحاضر والمستقبل ونركن الماضي ولو لبضع سنين حتى نستطيع ان نبني وطننا ونشيد حاضرنا ليزدهر مستقبلنا ومن ثم بعد ذلك كله نفرغ للتغني بماضينا الذي لا يستطيع احد في الدنيا ان يمحوه او يزيل منه أي شيء حتى لو اختفت وسرقت كل القطع المادية التي تدل عليه فهو باقٍ منقوش بالتاريخ وفي افكار وعقول الناس اجمعين حتى يتماشى حاضرنا مع ماضينا ويبقى العراق هو العراق، ((وتلك الأيام نداولها بين الناس)).
مع تحياتي لكل العراقيين
د.حسين الكندي
14/07/2007